المتنبي... حكيم الشعراء
حياته:
أبو
الطيب أحمد بن الحسين، المعروف بالمتنبي أيضا، عربي الأصل، ولد في الكوفة. وكان
أبوه سقاء بالكوفة، وماتت أمه وهو صغير، فحلت جدته محلها. نشأ في الكوفة إحدى مدن
الحضارة العباسية. كان معروفًا بذاكرته الممتازة، وذكائه الحاد، ونبوغه، ونظرته
الجادة للحياة، وموهبته الشعرية. وبعد أن استولى القرامطة على الكوفة هرب إلى
السماوة وبقي هناك عامين اختلط خلالهما بالبدو وأتقن اللغة العربية. ثم عاد إلى
الكوفة سنة 315 هـ، وتعرف على أحد أعيانها وهو أبي الفضل الكوفي. بين الصحراء
والمدينة، ويتذكر بلاد الشام.
وصل
المتنبي إلى بغداد مع والده، وغادر العاصمة سريعاً، محاولاً إتقان الكثير من لغة
الشعر الجاهلي البليغة والغريبة. وصل إلى اللاذقية في أواخر سنة 321هـ، ثم انتقل
إلى السماوة حيث دعا البدو لمرافقته في الثورة. ولأن ثورته كانت ذات طابع علوي
قوي، قام محافظ المدينة باعتقاله وسجنه. ثم أطلق الحاكم سراحه، إلا أنه تمرد مرة
أخرى وسُجن لمدة عامين، قبل أن يدفع الكفالة ويطلق سراحه. وفي الفترة ما بين عامي
937 و939م، سافر الشاعر إلى بلاد الشام، واستقر مع سيف الدولة الحمداني. وبما أن
الحمداني كان أديباً عربياً، فقد كان الشاعر محبوباً لديه، ورافقه في بعض فتوحاته
وحملاته ضد الرومان. وكان ذلك لأن روحه كانت متوافقة إلى حد كبير مع روح الأمير
سيف الدولة.
وكانت
تلك الفترة من أفضل فترات حياة المتنبي. كان الناس يغارون منه بشكل متزايد
ويتهمونه بالنميمة عليهم، لكنه قاومهم بالعنف والكبرياء، مما جعل حياته في النهاية
بائسة. وأخيراً أدرك أن هناك خلافاً بين الشاعر وابن هرويه. وقد اتسمت فترة وجوده
مع سيف الدولة ببرود الأمير ورفضه له، مما أدى إلى المشاجرات والغضب، وهاجم ابن خالوية
المتنبي. ثم ذهب إلى حلب، وكان هناك الكثير من الألم والحزن في بقائه بالقرب منها.
ذهب
المتنبي إلى مصر بناء على طلب كافور الإخشيدي، ووعده بالولاية، آملاً أن يحقق هذا
الوعد حلمه. ولم يبدُ أن حلمه قد تحقق، فأدرك كذب كافور على الفور، وعندما سنحت له
الفرصة للهروب، هرب وهجاه هجاء مرا، وبدأ يبحث في الأفق بينه وبين أرض فارس. ولما
رجع إلى العراق هجم عليه فاتك بن جهل السدي فقتله. انتقل إلى العراق بهذه النية،
وبعد حياة من الطموح والفشل، جُمع ديوانه سنة 354هـ.
بعضٌ من أشعاره:
أَنَا الذَي نَظَرَ الأَعْمَى إِلَى أَدَبِي.. وَأَسْمَعْتُ كَلِمَاتِي مَنْ بِهِ صَمَمُ.
الخَيْلُ
وَاللَيْلُ والبَيْدَاءُ تَعْرِفُنِي.. والسَيْفُ وَالرُمْحُ والقِرْطَاسُ
وَالقَلَمُ.
وقولهُ:
فِإِذَا أَتَتْكَ
مَذَمَّتِي مِنْ نَاقِصٍ … فَهِيَ الشَهَادَةُ لِيْ بَأَنِّيْ كَامِلُ.
وكثيراً ما كان
يفخر بشخصه مُعلياً شأن ذاته المتفوقة:
أمِطْ عَنكَ
تَشبيهي بمَا وَكَأنّهُ … فَمَا أحَدٌ فَوْقي وَلا أحَدٌ مِثْلي.
وفي
الشجاعة:
إِذَا رَأَيْتَ نُيُوْبَ اللَيْثِ بَارِزَةً … فَلَا تَظُنَّنَ أَنَّ
اللَيْثَ يَبْتَسِمُ.
لَا تَحْقَرَنَّ صَغِيْرًا فِيْ مُخَاصَمَةٍ
. إِنَّ البَعُوْضَةَ تُدْمِيْ مُقْلَةَ الأَسَدِ.
وإذا كانَتِ
النّفُوسُ كِباراً … تَعِبَتْ في مُرادِها الأجْسامُ.
وَمَا
انْتِفَاعُ أخي الدّنْيَا بِنَاظِرِهِ … إذا اسْتَوَتْ
عِنْدَهُ الأنْوارُ وَالظُّلَمُ.
إذا
غامَرْتَ في شَرَفٍ مَرُومِ … فَلا تَقنَعْ بما دونَ النّجومِ.
ذو العَقلِ
يَشقَى في النّعيمِ بعَقْلِهِ … وَأخو الجَهالَةِ في الشّقاوَةِ يَنعَمُ.
إِذَا الجُوْدُ
لَمْ يُرْزَقْ خَلَاصًا مِنَ الأَذَى … فَلَا الحَمْدُ مَكْسُوْبًا وَلَا المَالُ
بَاقِيَا.
في الغزل:
لعَيْنَيْكِ ما
يَلقَى الفُؤادُ وَمَا لَقي … وللحُبّ ما لم يَبقَ منّي وما بَقي.
وَما كنتُ ممّنْ
يَدْخُلُ العِشْقُ قلبَ … وَلكِنّ مَن يُبصِرْ جفونَكِ يَعشَقِ.
وقوله:
وَعَذَلْتُ أهْلَ
العِشْقِ حتى ذُقْتُهُ … فعجبتُ كيفَ يَموتُ مَن لا يَعشَقُ.
وَعَذَرْتُهُمْ
وعَرَفْتُ ذَنْبي أنّني … عَيّرْتُهُمْ فَلَقيتُ فيهِ ما لَقُوا.
وقوله:
بفَرْعٍ يُعيدُ اللّيْلَ والصّبْحُ نَيّرٌ … ووَجهٍ يُعيدُ الصّبحَ واللّيلُ مُظلِمُ.
اقرأ أيضًا مواضيع ذات صلة:
موقع الجزية. المتنبي شاعر كل العصور
ديوان المتنبي. المكتبة الرقمية
أقرأ أيضًا في موقع أنا عربي:
نماذج محلولة من إعراب الأسماء الخمسة.
نائب الفاعل و الفعل المبني للمجهول